شرفت بتلقي دعوة للمشاركة في محفل علمي/ فني من رفيع المستوى؛ مما جعلني أستبق الحدث للحديث عن قضية طالما تبنيناها على مدار العقود الثلاثة الماضية، أعني بها قضية "المسؤولية الإجتماعية للفن؛ والقوة التأثيرية الهائلة لفن التشخيص، وعلى الأخص فن الدراما التليفزيونية بما له تغلغل داخل عشرات الملايين من البيوت، وماله من تأثير بالغ الخطورة على المجتمع؛ فالدراما التليفزيونية لديها قوة عجيبة لاختراق عقول مشاهديها، كما أنه في الوقت ذاته بالغ التأثير في حياة الأسرة المصرية وفي القلب منها المرأة المصرية، وتحديدا الأم المصرية، التي تتفاعل مع الأحداث الدرامية ـ الصادقة ـ وتتوحد معها، وتتلقى رسائلها قبل غيرها، ولكن طرأ على الأمر جديدا، وهو دخول الأبناء ـ أطفالا ومراهقين ـ تحت ذلك التأثير المرعب، والمرشد في حال كان العمل جادا، مدروسا وصادقا.
في السياق طالما طالبنا بسماع صوت العلم فيما نراه ونسمعه على مستوى الدراما، وتأثيرها العميق على الطفل والمراهق، باعتبارهما أول المقلدين، لمست تفاعل الجامعات المصرية في محافظات صعيد مصر (لا أحب وصف جنوب)، مع المجتمع في زيارات متعددة وهو أمر عظيم وإيجابي.
اسعاد يونس و د. هبة الشرقاوي
الدعوة التي تلقيتها تبهج القلب المرهق؛ فهي قادمة من منارات علمية أكاديمية وبحثية، تحديدا من مركز عكاشة ـ عالم النفس المرموق ـ وقسم الطب النفسي بجامعة عين شمس، وتمثله: الأستاذة الدكتورة هبه الشهاوي أستاذ طب نفس الأطفال والمراهقين والكبار، وهي التي أسند إليها إدارة ندوة غاية في الأهمية حول المسلسل التليفزيوني بالغ الجدية "تيتة زوزو" ومعها متحدثتين هما: دكتورة نيرمين شاكر ودكتورة مروة المسيري، وحاولت رئيسة الندوة التواصل مع بطلة الملسل النجمة إسعاد يونس ومؤلفه الكاتب محمد عبد العزيز إلا أن صعوبات ما حالت دون ذلك رغم أن سماع تجربتهما أمر بالغ الأهمية.
إن مناقشة أحداث مسلسل درامي إجتماعي، يناقش قضايا الطفولة والمراهقة وتعاملهما مع غول قادم بقوة هو: "الذكاء الإصطناعي"، الذي تقول لي في وضوح تام الأستاذة الدكتورة هبه الشهاوي، أن القضية بالفعل قد وصلت العيادة النفسية، وبدأت تتردد بكل مخاطرها وعنفوانها، لذلك كانت ضرورة طرحها على مائدة البحث والمناقشة تحت المجهر في سياق علمي وخبراتي.
هذا دور مهم للدراما التليفزيونية، ودور أهم لمن يحملون شعلة العلم والتنوير، لذلك أرجو أن يفتح باب المؤتمر المقرر إقامته يومي 28 و29 من مايو الجاري في مركز سيتي ستارز الشهير، لنماذج من الأمهات والمراهقين ليحكوا لنا تجاربهم الحية مع شبح الإنترنت والذكاء الاصطناعي والإدمان اللعين، لنعرف ما تحت الرماد داخل الأسر المصرية وربما يكون جديدا على الوالدين، يحسب للفن أنه كشف القناع عن كثير من القضايا والخفايا تحت جلد المجتمع!
--------------------------
بقلم: طاهـر البـهي